يرجع ذلك إلى الإحتمالات التالية منفردة أو مجتمعة : .
1- الخبرات المبكرة فى الحياة , حيث ارتبطت فى أذهاننا صور بعض الأشخاص الذين ربطتنا بهم ذكريات ساره أو قاموا برعايتنا , لذلك حين نقابل أحداً يشترك فى بعض صفاته مع أولئك الذين أحببناهم فإننا نشعر ناحيته بالإنجذاب , وهذا الشعور يكون زائفاً فى كثير من الأحيان فليس بالضرورة أن يحمل الشخص الجديد كل صفات المحبوب القديم بل ربما يتناقض معه أحياناً رغم اشتراكهما فى بعض الصفات الظاهرة .
2- قد يكون الإنجذاب سريعاً وخاطفاً ولكنه قام على أساس اكتشاف صفة هامة وعميقة فى المحبوب , وهذه الصفة لها أهمية كبيرة لدى المحب وهو يبحث عنها من زمن وحين يجدها ينجذب إليها وقد تكون شخصية المحبوب محققة لذلك التوقع وقد لا تكون كذلك .
وهذه هى أهمية اللقاء الأول والذى يحدث فيه ارتياح وقبول وألفة أو العكس بناءاً على البرمجة العقلية السابقة والصور الذهنية المخزونة فى النفس . واللقاءات التالية إما أنها تؤكد هذا اللقاء الأول أو تعدله أو تلغيه .
* الحب والعناد :
حين يستحكم الحب من شخص فإنه يكون فى غاية العناد فلا يستطيع سماع نصيحة من أحد ولا حتى سماع صوت عقله , فهو يريد أن يعيش حالة الحب فى صفاء حتى ولو كان مخدوعاً , فلذة الحب لديه تفوق أى اعتبارات منطقية , وكلما زادت مواجهة هذا المحب كلما زاد إصراره , ولذلك من الأفضل أن يترك دون ضغوط ليرى بنفسه من خلال المعايشة الحقيقية ( خطوبة مثلاً ) أن فى محبوبه عيوباً لم يكن يدركها فى حالة سكره وعناده , وبالتالى يستطيع هو تغيير رأيه بنفسه , أى أننا ننقل المسئولية إليه ( أو إليها ) حتى يفيق من سكرة الحب ويخرج من دائرة العناد . وهذا الموقف نقابله كثيرا لدى الشباب حيث يصر أحدهم على شخص معين بناءا على عاطفة حب قوية وجارفة ولا يستطيع رؤية أى شئ آخر , وتفشل كل المحاولات لإقناعه ( أو إقناعها ) , وكلما زادت محاولات الإقناع كلما زاد العناد , ويصبح الأمر صراع إرادات تختفى خلفه عيوب المحبوب وتضعف بصيرة الحبيب إلى أقصى درجة , والحل الأمثل فى مثل هذه الحالات هو الكف عن محاولات الإقناع ( وهذا لايعنى عدم إبداء النصيحة الخالصة للطرف المخدوع ) , وترك الطرف المخدوع والمستلب ( تحت وهم الحب ) يخوض التجربة بنفسه ( أو بنفسها ) من خلال إعلان الأهل قبولهم للأمر - رغم معرفتهم بآثاره السلبية - وهنا ومن هذه النقطة تبدأ الحقائق تتكشف رويدا رويدا أمام الطرفين فى فترة التعارف أو مقدمات الخطوبة أو فى فترة الخطوبة ذاتها , وفى أغلب الأحوال يراجع الطرف المخدوع نفسه كليا أو جزئيا وربما تراجع عن هذا الأمر . وفى حالة عدم التراجع فالأفضل للأهل أن يقبلوا هذا الأمر الواقع بعد إبداء النصيحة اللازمة وليتحمل الطرف المصر على ذلك مسئوليته , وفى هذه الحالة سوف تكون هناك خسائر ولكنها ستكون أقل بكثير من اتخاذ الأهل موقف عناد مقابل