لندن – يجب علينا أن ننتظر أن تقودنا تركيا نحو فهم تنوع الفكر الإسلامي حول الأمور المختلفة. من الأساسي للمسلمين أن يكونوا على وعي بالأمور العديدة الموجودة حولنا. وعدم افتراض أن ما قيل لهم من قبل الأئمة والعلماء أو كبار السن هو الخيار الوحيد. وبما أنه لا يوجد نظام كهنوتي في الإسلام ولا وكالة بين الفرد وخالقه، من الحيوي أن يقوم كل مسلم بتثقيف نفسه وتكوين عقليته وتفكيره. خذ الحكم بالإعدام على سبيل المثال، والذي هو جزء من قائمة قوانين بعض الدول الإسلامية. إذا أخذنا بعين الاعتبار قول القرآن الكريم بأن الله تعالى يساوي بين قتل النفس البشرية البريئة وقتل الإنسانية ككل (المائدة 32)، فإنه يبدو من الأمور غير المسؤولة عدم توضيح أية نواحٍ رمادية عند قتل النفس البشرية. تعتبر قصة برفيز كامبكش البالغ من العمر 23 سنة حالة ذات علاقة، فقد جرت محاكمة برفيز وإدانته بتهمة الكفر والإلحاد في أفغانستان لقيامه بتوزيع أدبيات قام بتنزيلها عن شبكة الإنترنت حول حقوق المرأة. وسوف ينفذ به حكم الإعدام إذا لم ينجح استئنافه والحملة القائمة لإنقاذه. ورغم المنظور الذي يحمله البعض عن الإسلام كدين صارم وعقيدة متجانسة، فإن الجرائم الخاضعة للعقاب بالإعدام تختلف حسب مع من تتكلم ومكان وجودك. تختلف حتى المذاهب الفقهية الإسلامية الأربعة حول الجرائم التي تستحق عقوبة الإعدام. وتأتي الفوارق إلى حد بعيد من التفسيرات المختلفة للحديث الشريف، الذي يشكل مجموعة أقوال وأعمال النبي محمد (ص). وقد يعتقد البعض بأن خطط تركيا في إعادة النظر بالحديث الشريف بصورته القائمة، وإعادة تفسير بعضه والاستغناء عن الأجزاء التي تعتبر غير أصلية بسبب الشك في مصادرها، وإعادة النظر بالشريعة الإسلامية للعصر الحديث، هي خطوة مشجعة. ولكن هل تستطيع تركيا التوصل إلى دين إسلامي يحمل إمكانية التطبيق العالمي؟ وهل بالإمكان فصل مصادر الحديث المختلفة عن الحقبة الزمنية والظروف التي تم جمعها بها وتدوينها؟ تحدثت مؤخراً مع عالم وهابي محافظ بارز، هو الشيخ صهيب حسن، حول الجرائم التي تُعاقَب بالإعدام. الشيخ صهيب عضو في مجلس الشريعة الإسلامية البريطاني، وقد اتهم بوجهات نظره المتطرفة. يعترف حتى هو بوجود اختلاف في الآراء حول الجرائم التي تستحق عقوبة الإعدام. "هناك حوار كبير يدور بين العلماء حول ما إذا كانت الردة، على سبيل المثال، تعاقَب بالإعدام. لم يُحكَم على أحد بالإعدام بسبب ارتداده إبان حكم الرسول الكريم (ص)". يشرح هارون خان، المؤسس المشارك لموقع free-minds.org، وهو موقع يسعى للترويج للقرآن الكريم كمصدر وحيد للإرشاد الديني للمسلمين، قائلاًً: "يخبرنا القرآن الكريم أن الجرائم الوحيدة التي تعاقَب بالإعدام هي الجرائم ضد الإنسانية. وهذا بشكل رئيسي ضد أناس أمثال سلوبودان ميلوسوفيتش. حتى في الحالات الفردية من الإجرام فإن خيار التعويض موجود". تنص الآية القرآنية التي يشير إليها هارون على أن الجرائم الوحيدة التي يعاقَب عليها بالإعدام هي "من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض" (المائدة: 32). تكمن المشكلة في كيفية اختيار الناس تفسير هذه التعابير. يعتبر البعض الفساد على أنه الفساد أو التحريض على الفتنة بصورتهما الواسعة، بينما يراه آخرون، كما هو الحال في قضية كامبكش، على أنه توزيع أدبيات من الإنترنت. يبدو الحديث عما إذا كان كامبكش مذنباً أم لا، وهو الذي لم يختر الخروج عن الإسلام وإنما توزيع معلومات عنه، يبدو وكأنه تكنيك لتحويل الأفكار. يتوجب على المسلمين أولاً أن ينشروا الوعي بأمور الحريات الدينية داخل الإسلام، وأن يتناقشوا فيما إذا كانت التفسيرات الحالية التي تطالب بعقوبة الإعدام لهؤلاء الذين يتحدون سلطة الدولة، صالحة وحقيقية. |